الأحد، 19 يناير 2014

درر وعبر من أجمل ما قاله العلامة صالح الفوزان حفظه الله

طاعة العلماء والأمراء
هذا الموضوع وهو طاعة العلماء والأمراء موضوع مهم جداً، لأنه:
 1-زلت فيه إقدام.
 2-وضلت فيه إفهام.
3-وحصل بسببه فتن.
4-وحروب .
5-وقتل وقتيل .
6-وضياع أمن.

بسبب التفريط في هذا الأصل، الذي هو طاعة أولي الأمر.
 الله جل وعلا أمرنا بطاعة أولي الأمر:
1-لما يعلمه سبحانه من مصلحتنا في ذلك.
2-وما يترتب على ذلك من الخير الكثير عاجلا وآجلا.
ولما في معصيتهم ومخالفتهم و من :
1-الشرور.
2-والفتن .
3-وضياع الأمن .
4-وانتشار الخوف.
5-والقلق في المجتمع.
قال الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) [سورة النساء: 59] وقال النبي عليه الصلاة والسلام "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنه الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" وفي رواية "وكل ضلالة في النار" الله جل وعلا أمر المؤمنين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ) لأنهم هم الذين يمتثلون أمر الله سبحانه وتعالى، بمقتضي إيمانهم، فقال (وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) طاعة الله جل وعلا في الدرجة الأولى وهي الأصل وهي الغاية، وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعة أولي الأمر تابعة لطاعة الله عز وجل، (وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) وأولي الأمر هم العلماء والأمراء.
  العلماء
فالعلماء هم ألو الأمر من ناحية إنهم يبلغون عن الله سبحانه وتعالى ما ورثوه عن نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم من العلم، كما قال صلى الله عليه وسلم (إن العلماء ورثة الأنبياء) فالعلماء لهم شأن في الأمة لأنهم ورثة الأنبياء.

 في طاعة العلماء وطاعة الأمراء مصالح عظيمة من :
1-استتباب الأمر .
2-وتعظيم الشرع .
3-والسلامة من الاختلاف والفتن .
4-والانضباط في الأمر.
الله جل وعلا قال (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً) [سورة النساء: 83] ردوه إلى الرسول في حياته صلى الله عليه وسلم يرجع إليه وبعد موته يرجع إلى سنته التي ورثها لأمته.
 وقال :"إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي" ، ومنهم الذين يقومون على الكتاب والسنة ويبلغون رسالات الله ويخشون الله هم العلماء الربانيون، والله شرفهم بالعلم.
 تشبيه بليغ
قال صلى الله عليه وسلم (فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب). 
لأن القمر يضئ للناس، والعلماء يضيئون للناس بالعلم، وأما الكواكب فإنها تضيء لنفسها فقط، وهم العباد نفعهم قاصر على أنفسهم وعبادتهم قاصر نفعها على أنفسهم، وأما العلماء فنفعهم يتعدى كما يتعدى وجه القمر إلى الكون فيضيء الكون وبهذا يظهر فضل العلماء.

ولهذا إذا فقد العلماء حصل الشرخ والاختلاف، قال صلى الله عليه وسلم (إن الله لا يقبض هذا العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الرجال وإنما يقبض العلم بموت العلماء) فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالاً فأفتوا بغير علم، فأضلوا وأضلوا.


قصة عظيمة وفقد العلماء 
وما حدث الشرك في قوم نوح إلا بعد فقد العلماء، لأن قوم نوح زين لهم الشيطان أن يصوروا صور الصالحين، يتذكروا أحوالهم بزعمهم ينشطون على العبادة، فأطاعوا الشيطان وصوروا صور الصالحين ونصبوها على مجالسهم، والشيطان يريد لهم الشر ويريد لهم الهلاك، ولكنه لا يقدر مع وجود العلماء، فلذلك لم يأمرهم بعبادة تلك الصور مع وجود العلماء، وإنما انتظر حتى إذا مات العلماء ونسخ العلم أو نسي العلم، قال إن إباءكم ما نصبوا هذه الصور إلا ليعبدوها وبها كانوا يسقون المطر، فعبدوها من دون الله، لما لم يكن فيهم علماء ينهونهم عن ذلك، فحدث الشرك وحدث الدمار في قوم نوح، كما ذكر الله جل وعلا في القرآن، وهذا سببه فقد العلماء.

وكذلك في آخر الزمان إذا قبض العلم اتخذ الناس رؤوسا جهالا ليس عندهم علم، فأفتوا بغير علم فأضلوا وأضلوا، أما العلماء الحقيقيون فإنهم يفتون بعلم، أما هؤلاء ليس عندهم علم يفتون به، أفتوا بغير علم، فضلوا في أنفسهم وأضلوا غيرهم، وبهذا يظهر فضل العلماء وفضل وجودهم في الأمة، ومن ثم لا يجوز مخالفتهم، ماداموا مستقيمين على العلم الصحيح، لا تجوز مخالفتهم لأنهم ورثة الأنبياء، يبلغون عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يتهاون بشأنهم، ونقول نحن وإياهم سواء، لا سواء، ليس العالم كالجاهل، ليس العالم مثل الجاهل. 

 الأمراء
القسم الثاني من ولاة الأمور هم الأمراء، الذين يتولون السلطة فهؤلاء :
1-يجب احترامهم .
2-ويجب طاعتهم بالمعروف، 
كما في هذه الآية :( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر).

طاعة العلماء وطاعة الأمراء مربوطة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ما لم يخالف كتاباً ولا سنة تجب طاعتهم لا لذاتهم وإنما لما يبلغونه عن الله ورسوله، وهم أمناء، أما إذا أمروا بمعصية، السلطان أمر بمعصية فإنه لا يطاع في هذه المعصية، لكن تبقى طاعته فيما عاداها مما ليس بمعصية.
 قال صلى الله عليه وسلم "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" قال عليه الصلاة والسلام "إنما الطاعة في المعروف" .


 قصة وعبرة
أمر صلى الله عليه وسلم على سرية أميراً فخرج بهم هذا الأمير وسار بهم، 
ثم قال : لهم اجمعوا حطباً .
قاموا وجمعوا حطباً فقال: أوقدوا نارً .
فقاموا وأوقدوا النار، قال :ادخلوا فيه.
 تراودوا فيما بينهم، كيف ندخل النار، الرسول قال :"أطيعوا أميركم،"  لكن هل يطيعونه في دخول النار، تراودوا فيما بينهم.
فقالوا : نحن ما اطعنا الرسول إلا لأجل النجاة من النار، فكيف ندخل في النار
! فلما رجعوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم واخبروه قال، لو دخلوها ما خرجوا، منها إنما الطاعة في المعروف، وليست الطاعة في المعصية " بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن طاعة الأمراء إنما تكون إذا لم يأمروا بمعصية.
ولكن ليس معنى ذلك أن ولي الأمر إذا أمر بمعصية إنها تنخلع ولايته ويجوز الخروج عليه، لا، 
يطاع فيما عاداها 
وهؤلاء الصحابة لم يخرجوا على أميرهم بسبب أنه أمرهم بدخول النار، بل بقوا مطيعين له، لكن لم يطيعوه في هذه المسألة فقط، يجب أن نعرف هذا.
 عندما يخطيء العلماء
  قال صلى الله عليه وسلم (الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم) ومن النصيحة :
بيان الخطأ بالطريقة اللبقة اللائقة لمقامهم، 
لا نشهر بهم ولا ننشر أخطائهم وإنما نناصحهم فيما بيننا وبينهم سراً وبأسلوب لين، ومؤدب، حتى يحصل المقصود وينتفي المحذور، هذه طريقة أهل السنة والجماعة.

 لا يشترط في العالم أن يكون معصوماً من الخطأ، ولا يطاع إلا إذا كان معصوماً من الخطأ، من قال هذا؟
 ولا يشترط في ولي أمر المسلمين أن يكون معصوماً من الخطأ، لا يشترط هذا.
ولكن نأخذ القول الصحيح أو القول الصواب، ونترك ما خالفه، ولا يكون هذا سبباً في نزع اليد من الطاعة أو الخروج على ولاة الأمور، أو احتقار العلماء، أو التقليل من شأنهم، هذا أصلاً يجب معرفته، ويجب التقيد به، فليس معنى إننا لا نطيع في معصية الله، ليس معناه أننا نخرج على العلماء أو على ولاة الأمور، ونخلع صلاحيتهم ونستهين بهم، لا، معناه أننا نترك المعصية ونأخذ بالمعروف والطاعة.
  
قوله صلى الله عليه وسلم :(أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد) هذا في الأمير، فلا يحملنا مظهر ولي الأمر على أن نحتقره، أو نتساهل في أوامره، ولو كان عبداً حبشياً، لأن ليس العبرة بشخصه، وإنما العبرة بمنصبه، والعبرة بمكانته، من الأمر.

قال صلى الله عليه وسلم :(فإنه من يعش منكم فسيرى إختلافا كبيراً) ما النجاة من هذا الاختلاف؟
يأتي دور العلماء، عند الاختلاف، (ةفعليكم بسنتي وسنه الخلفاء) من الذي يعرف سنه الرسول وسنه الخلفاء، من هو الذي يعرفها كل أحد؟  
لا، إنما يعرفها العلماء فنتبع العلماء الذين يعرفون سنه الرسول صلى الله عليه وسلم وسنه الخلفاء الراشدين بما أعطاهم الله من العلم، وأورثهم من العلم، فنرجع إليهم إتباعاً لسنه الرسول صلى الله عليه وسلم، وسنه خلفائه الراشدين الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، رضي الله تعالى عنهم خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم.

الطريق الصحيح عند الاختلاف وعند الفتن، طاعة ولاة الأمور.

مع حذيفة رضي الله عنه
 لما أخبر صلى الله عليه وسلم عن تغير الأحوال بعده صلى الله عليه وسلم، وأنه يأتي بعده تغييرات ويأتي بعده اختلافات، ويأتي بعده فتن، ودعاة ضلال، قال له حذيفة رضي الله عنه : ما تأمرني إن أدركني ذلك؟
قال :"أن تلزم جماعة المسلمين وإمامهم".
تلزم جماعة المسلمين، وإمام المسلمين، 
قال :فإن لم يكن لهم إمام ولا جماعة؟
قال : اعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك.
فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بلزوم جماعة المسلمين، وإمام المسلمين، لأن هذا فيه النجاة من الفتن، والاجتماع رحمة، الاجتماع على الحق رحمة، والاختلاف عذاب وشقاء.
ومما يؤلف بين الناس ويجمع القلوب ويجمع الكلمة، طاعة أولي الأمر، من الأمراء والعلماء بالضوابط التي جاءت بها الأدلة، هذا هو سبيل النجاة وسبيل الفلاح.

 عندما يكثر الخوض ويكثر التعالم كما في هذا الزمان وتكثر الفتاوى والأقوال في الفضائيات وغيرها، يحصل الإرتباك، نرجع إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم (عليكم بسنتي وسنه الخلفاء الراشدين) ومن كان عليها من أهل العلم والثبات ونترك أقوال الناس نترك الفوضى نرجع إلى الانضباط والإتلاف والتمسك بالكتاب والسنة، فمن كان عالماً بذلك فالحمد لله يعمل بعلمه، ومن لم يكن عالماً فإنه يرجع إلى العلماء، الذين هم من أولي الأمر.

جميع هذه الفوائد مختصرة وملخصة من كلام العلامة صالح الفوزان حفظه الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق