الاثنين، 15 أغسطس 2022

لما دعا الشيخ بن عثيمين لولاة الأمر قال هذا الرجل : الله لا يصلحهم ! فماذا كان رد الشيخ رحمه الله

 خرج في زماننا هذا 

أناس يطعنون في دين من يدعو لولاة أمر المسلمين

ويتهمونه بالمداهنة والنفاق-والعياذ بالله-

وبعضهم أيضاً

بدل أن يدعو لولاة الأمر يدعو عليهم

كما قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: " إذا وجدت من ولاة الأمور شيئاً مُخالفاً، فادعُ الله لهم، لأن بصلاحهم صلاح الأمة.

لكن تسمع بعض السفهاء، إذا قلنا: الله يُصلح ولاة الأمور، الله يهديهم، قال: الله لا يصلحهم.


سبحان الله العظيم!.

إذا لم يُصلحهم الله فهو أردى لك!.

ادعُ الله لهم بالهداية والصلاح، والله على كلِّ شيءٍ قدير ) [22].


وقد سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله عمن من يمتنع عن الدعاء لولي الأمر؟

فقال رحمه الله:

هذا من جهله، وعدم بصيرته؛ لأن الدعاء لولي الأمر من أعظم القربات، ومن أفضل الطاعات، ومن النصيحة لله ولعباده، والنبي ﷺ لما قيل له: إن دوسًا عصت وهم كفار قال: اللهم اهد دوسًا وائت بهم فهداهم الله وأتوه مسلمين، فالمؤمن يدعو للناس بالخير، والسلطان أولى من يدعى له؛ لأن صلاحه صلاح للأمة، فالدعاء له من أهم الدعاء، ومن أهم النصح: أن يوفق للحق وأن يعان عليه، وأن يصلح الله له البطانة، وأن يكفيه الله شر نفسه وشر جلساء السوء، فالدعاء له بالتوفيق والهداية وبصلاح القلب والعمل وصلاح البطانة من أهم المهمات، ومن أفضل القربات، وقد روي عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال: (لو أعلم أن لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان)، ويروى ذلك عن الفضيل بن عياض رحمه الله .

ومن فوائد هذه الفتوى:

1-أن الذي ينهاك عن الدعاء لولاة أمر المسلمين جاهل، وعديم للبصيرة.

2-أنه يريد أن يحرمك من قربة من أعظم القربات، ومن أفضل الطاعات.

3-أنه يريد منك أن لا تكون من أهل النصيحة لله ولعباده.

4-أنه يريد أن يبقى الشر ويزداد ، ويقل الخير وينقمع.

5-أنه يريد أن يقنطك من رحمة الله وفضله.

6-أنه يريد أن تستحكم العداوة ما بين المسلمين خاصة مابين الراعي والرعية.

7-أنه يريد أن يبعدك عن منهج السلف الصالح .


وهذه طائفة من كلام السلف رحمهم الله في ذلك


قال الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله: "مَن قال: الصلاة خلفَ كُلِّ برٍّ وفاجرٍ، والجهاد مَعَ كُلِّ خليفةٍ، ولم يرَ الخروجَ على السلطان بالسيف، ودعا لهم بالصلاح، فقد خَرَجَ من قول الخوارج أوله وآخره"شرح السنة للبربهاري ص132 رقم 159.


وقال البربهاري رحمه الله: " إذا رأيتَ الرَّجلَ يدعوا على السلطان، فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا رأيتَ الرجلَ يدعو للسلطان بالصلاح، فاعلم أنه صاحبُ سُنَّةٍ إن شاء اللهُ تعالى.


يقول فضيل بن عياض: " لو كانت لي دعوة ما جعلتها إلاَّ في السلطان»... قيل له: يا أبا عليٍّ: فسِّر لنا هذا؟.


قال: إذا جعلتها في نفسي لم تَعْدُني، وإذا جعلتها في السلطان صَلُح، فصَلُحَ بصلاحه العباد والبلاد".


فأُمرنا أن ندعو لهم بالصلاح، ولم نُؤمر أن ندعو عليهم وإن ظلموا وإن جاروا، لأن ظلمهم وجورهم على أنفسهم، وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين"شرح السنة للبربهاري ص116-117 رقم 136.


وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: " وإني لأرى طاعةَ أميرِ المؤمنين في السرِّ والعلانيةِ، وفي عُسري ويُسري، ومَنشطي ومكرهي، وأثرةٍ عليَّ، وإني لأدعو اللهَ له بالتسديدِ والتوفيقِ في الليلِ والنهارِ" البداية والنهاية 14/ 413.


وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " ولهذا كان السلف كالفضيل بن عياض، وأحمد بن حنبل، وسهل بن عبد الله التستري، وغيرهم، يُعظِّمون قدرَ نعمة الله به - أي بالسلطان - ويرون الدُّعاءَ له ومناصحته من أعظم ما يتقرَّبون به إلى الله تعالى، مع عدم الطمَع في ماله ورئاسته، ولا لخشية منه، ولا لمعاونته على الإثم والعدوان" السياسة الشرعية ص233-234.


وقال الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله في تقريره لعقيدة أهل السنة والجماعة: " وبعد ذلك: يرون الدُّعاء لأئمة المسلمين بالصلاح، ولا يُخرج عليهم بالسيف، ولا يُقاتلون في الفتنة" الدرر السنية 1/ 534.


وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله: " وأما النصيحة لأئمة المسلمين، وهم ولاتهم من السلطان الأعظم إلى الأمير، إلى القاضي، إلى جميع مَن لهم ولاية صغيرة أو كبيرة، فهؤلاء لَمَّا كانت مُهمَّاتهم وواجباتهم أعظم من غيرهم، وَجَبَ لهم من النصيحة بحسب مراتبهم ومقاماتهم، وذلك باعتقاد إمامتهم، والاعتراف بولايتهم، ووجوب طاعتهم بالمعروف، وعدم الخروج عليهم، وحثّ الرعية على طاعتهم، ولزوم أمرهم الذي لا يُخالف أمر الله ورسوله، وبذل ما يستطيع الإنسان من نصيحتهم، وتوضيح ما خفيَ عليهم مما يحتاجون إليه في رعايتهم، كلُّ أحد بحسب حاله، والدُّعاء لهم بالصلاح والتوفيق، فإن صلاحهم صلاح لرعيتهم، واجتناب سبِّهم والقدح فيهم وإشاعة مثالبهم، فإن في ذلك شرَّاً وضرراً وفساداً كبيراً، فمن نصيحتهم الحذر والتحذير من ذلك، وعلى مَن رأى منهم ما لا يحلّ أن يُنبِّههم سرَّاً لا علناً، بلطف، وعبارة تليق بالمقام، ويحصل بها المقصود، فإن هذا مطلوبٌ في حقِّ كلِّ أحد، وبالأخص ولاة الأمور، فإن تنبيههم على هذا الوجه فيه خيرٌ كثير، وذلك علامة الصدق والإخلاص، واحذر أيها الناصح لهم على هذا الوجه المحمود أن تُفسد نصيحتك بالتمدُّح عند الناس فتقول لهم: إني نصحتهم، وقلتُ، وقلتُ، فإن هذا عنوان الرِّياء، وعلامة ضعف الإخلاص، وفيه أضرار أخر معروفة" الرياض الناضرة ص49-50.


انتهى




الاثنين، 8 أغسطس 2022

هل يكون التصوف حلاً لمواجهة الإرهاب ؟!

 لا يختلف أهل العقل و الحجا في رفض الإرهاب والتطرف والغلو في الدين، وخطر ذلك كله على البشرية جمعاء وليس على المسلمين فقط، ولذلك تنشط الحكومات ويدعمها أهل العلم والعقل في مواجهة الإرهاب والإرهابيين وأنشطتهم الشنيعة المهلكة للحرث والنسل.


ولكن كن من بين الدعوات والأفكار لمواجهة الإرهاب وخطره دعوة تقول : لابد من الرجوع إلى التصوف لمواجهة خطر الإرهاب! وتجدد تبعاً لذلك نشاط دعاة وجماعات التصوف في الساحة . فهل صحيح أن الطريقة الصوفية هي البديل الأمثل للجماعة الحركية؟ وهل دعاة التصوف هم من يستطيع قيادة الشباب وانقاذهم من براثن الفكر الإرهابي؟


لن أخوض في سرد تاريخي عن الصوفية والتصوف وحكمها في الإسلام، وسأركز على ضرب مثال واحد سيكون فيه الجواب الشافي بإذن الله عن تلكم الأسئلة .


يتفق الجميع على أن جماعة الإخوان المسلمين التي أسسها حسن البنا جماعة إرهابية قد ولد الكثير من الإرهابيين والتنظيمات المتطرفة ، أما الإرهابيين فقد شهم القرضاوي أن أبابكر البغدادي أمير داعش من جماعة الإخوان 

وأسامة بن لادن كان إخوانياً باعترافه وبخط يده

وباعتراف رفيق دربه أيمن الظواهري

وقد ولدت الجماعة الإخوانية التنظيمات الإرهابية التي تمحورت حول كتب وفكر سيد قطب مثل: التكفير والهجرة، الجماعة الإسلامية، الجهاد، القطبيون، داعش، جبهة النصرة..الخ
علاوة على ماقامت به جماعة الإخوان من إرهاب قام به "النظام الخاص" السري الذي أسسه حسن البنا سراً ، وقام بعدد من الاغتيلات والتفجيرات في مصر.

إن جماعة الإخوان الصوفية هي نفسها قامت باغتيال:

 أحمد ماهر 1945 رئيس الوزراء، والذى اغتيل في قاعة البرلمان، واغتالوا المستشار والقاضي أحمد الخازندار 1948، 

وبعده بشهور اغتالوا رئيس الوزراء المصري محمود فهمي النُّقراشي ، عند ديوان وزارة الدَّاخلية. 

واغتالوا عضو النظام الخاص وصاحبهم سيد فايز بعد ظهر يوم الخميس 20 نوفمبر سنة 1953م بواسطة صندوق من الديناميت وصل إلى منزله على أنه هدية من الحلوى، وقد قتل معه بسبب الحادث شقيقه الأصغر البالغ من العمر تسع سنوات وطفلة صغيرة كانت تسير تحت الشرفة التي انهارت تحت وقع قوة الانفجار.

فإذا تقرر أن جماعة الإخوان إرهابية ومولدة للإرهاب؛ نعلم إنه من الواجب علينا أن نبحث عن مكانة التصوف عند هذه الجماعة، حتى يمكن أن نفهم هل للتصوف دور في القضاء على الإرهاب أو صده أو على الأقل كبح جماحه ؟

إن أول المعطيات ستصيب أنصار الدعوة للتصوف بالخيبة ، وذلك أن رأس الجماعة الإرهابي كان صوفياً نشأ وتربى ومات على التصوف؛ ولم يحل التصوف بينه وبين الإرهاب؛ بل على العكس من ذلك كان التصوف هو الطريقة الأمثل لتجنيد الشباب وتعميق ولائهم للجماعة الإرهابية ومرشدها .

يقول حسن البنا : " وفي المسجد الصغير رأيت” الإخوان الحصافية” يذكرون الله تعالى عقب صلاة العشاء من كل ليلة، وكنت مواظبا على حضور درس الشيخ زهران رحمه الله بين المغرب والعشاء، فاجتذبني حلقة الذكر بأصواتها المنسقة ونشيدها الجميل وروحانيتها الفياضة ".

و يقول أيضاً : "  التحقت بمدرسة المعلمين الأولية بدمنهور وفيها مدفن الشيخ وضريحه وقواعد مسجده الذي لم يكن تم حينذاك، وتم بعد ذلك، فكنت مواظبا على الحضرة في مسجد التوبة في كل ليلة وسألت عن مقدِّم الإخوان فعرفت أنه الرجل الصالح التقي الشيخ بسيوني العبد التاجر، فرجوته أن يأذن لي بأخذ العهد عليه ففعل، ووعدني بأنه سيقدمني للسيد عبد الوهاب عند حضوره، ولم أكن إلى هذا الوقت قد بايعت أحدا في الطريق بيعة رسمية وإنما كنت محبا وفق اصطلاحهم. وحضر السيد عبد الوهاب - نفع الله به - إلى دمنهور وأخطرني الإخوان بذلك فكنت شديد الفرح بهذا النبأ ..... حيث تلقيت الحصافية الشاذلية عنه وأدبني بأدوارها ووظائفها.".


إن من يدعون الشباب لما يسمونه الاستغراق في ( صفاء و استشراق التصوف ) لينقذوه من التطرف المظلم، لعلهم لم يطلعوا على مرشد الجماعة الإرهابية وهو يقول عن نفسه:" كانت أيام دمنهور ومدرسة المعلمين أيام الاستشراق في عاطفة التصوف والعبادة، ...فكانت فترة استغراق في التعبد والتصوف ...... نزلت دمنهور مشبعا بالفكرة الحصافية. ودمنهور مقر ضريح الشيخ السيد حسنين الحصافي شيخ الطريقة الأول، وفيها نخبة صالحة من الأتباع الكبار للشيخ. فكان طبيعيا أن أندمج في هذا الوسط، وأن أستغرق في هذا الاتجاه. وكنا في كثير من أيام الجمع التي يتصادف أن نقضيها في دمنهور، نقترح رحلة لزيارة أحد الأولياء الأقربين من دمنهور، فكنا أحيانا نزور دسوق فنمشي على أقدامنا بعد صلاة الصبح مباشرة، حيث نصل حوالي الساعة الثامنة صباحاً، فنقطع المسافة ني ثلاث ساعات وهي نحو عشرين كيلو مترا، ونزور ونصل الجمعة، ونسترح بعد الغداء، ونصل العصر ونعود أدراجنا إلى دمنهور حيث نصلها بعد المغرب تقريباً. وكنا أحيانا نزور عزبة النوام حيث دفن في مقبرتها الشيح سيد سنجر من خواص رجال الطريقة الحصافية والمعروفين بصلاحهم وتقواهم، ونقض هناك يوماً كاملاً ثم نعود".

إذن التصوف سيجمع للشاب بين العقائد الشركية والخرافات والتعلق بالموتى وبين الإرهاب! فبئست المحصلة هذه ؟

 ويقول حسن البنا مبيناً ارتباطه الدائم بطريقته الصوفية وشيخها :" ولكني في النهاية فضلت أن أستمر في سلك التعلم، وأن أشد الرحال إلى القاهرة، حيث دار العلوم، وحيث المقر الرسمي لشيخنا السيد عبد الوهاب الحصافي".

 

أما الموالد البدعية الصوفية فقد كان مرشد الجماعة الإرهابية يحييها ويفاخر بذلك، يقول حسن البنا :" وأذكر أنه كان من عادتنا أن نخرج في ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم بالموكب بعد الحضرة، كل ليلة من أول ربيع الأول إلى الثاني عشر منه من منزل أحد الإخوان ..... وخرجنا بالموكب ونحن ننشد القصائد المعتادة في سرور كامل وفرح تام" .


وواظب البنا كغيره من المتصوفة على الذكر الصوفي من خلال الوظيفة الزرّوقية  وهي الوظيفة التي كتب عنها والده عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتي، رسالة خاصة أسماها ( تنوير الأفئدة الزكية بأدلة أذكار الزروقية) .


وقد قام البنا بتأسيس أول بذرة صوفية لجماعة الإخوان حيث يقول: "وفي هذه الأثناء بدا لنا أن نؤسس في المحمودية جمعية إصلاحية هي” جمعية الحصافية الخيرية” واختير أحمد أفندي السكري التاجر بالمحمودية رئيسا لها وانتخبت سكرتيرا لها، ... وقد كافحت الجمعية في سبيل رسالتها مكافحة مشكورة وخلفتها في هذا الكفاح جمعية” الإخوان المسلمين” بعد ذلك ".

وبعد أن استقر البن في الإسماعيلية للتدريس فيها أسس جمعية الإخوان المسلمين الخيرية التي بدأت على غرار الجمعيات الصوفية قبل أن تتطور سريعا لتظهر فيها الروح الحركية الجديدة.


يقول البنا عن دعوة الإخوان أنها :"حقيقة صوفية " . فلم لم يمنعها تصوفها من إرهابها ؟!

مالم ينتبه له البعض أن البنا مزج ما بين الطريقة الصوفية وما بين التنظيم الشيوعي مستفيداً من البيئة السائدة في عصره حيث انتشار الطرق الصوفية والتنظيمات السرية الشيوعية ؛ فاستبدل الخلية (على طريقة الشيوعيين) بما أسماه (الأسرة الإخوانية) والتي رتبها ونظمها على نسق الطريقة الصوفية من حيث البيعة للمرشد والتفاني في الخدمة والطاعة العمياء، وتقديم مصلحة الأسرة الإخوانية على نفسه وأسرته ومجتمعه الحقيقية، مع التأكيد على السرية والانضباط التام والتراتبية والهرمية التي استوحاها من ( الخلية) الشيوعية.

وإذا كان التنظيم الشيوعي له قسمه الخاص فإن للجماعة ذلك من خلال البيعة الصوفية التي عدد البنا أركانها فقال:"أركان بيعتنا عشرة فاحفظوها : الفهم، والإخلاص، والعمل، والجهاد ، والتضحية، والطاعة، والثبات، والتجرد، والأخوة، والثقة".

إن في كل طريقة صوفية يوجد رابطة روحية ما بين المريد والطريقة وشيخها، ويتمثل ذلك في الورد (الذكر الخاص بالطريقة) وومجموعة من السلوكيات الصوفية التي ترسخ ولائه لها وتؤكد صدق انتمائه إليها، وهذا ما فعله البنا مع أتباعه حيث اخترع لهم مجموعة من الأوراد الخاصة وسماها " المأثورت " والزمهم بحفظها وعدم الاخلال بها كل يوم، كما قرر عليهم مجموعة من السلوكيات التي شملت حتى ترك بعض المباحات، ورتب على الإخلال بها عقوبات متنوعة.

ولقد طور البنا (الأسرة) لنظام (الكتيبة) حيث انتقل بالاتباع إلى التدريب على السلاح وحرب العصابات إلى جانب التربية الروحية الصوفية. 


إذن الإخوان للوصول إرهابهم الذي يسمون زوراً (جهاداً)، يربون أتباعهم على التصوف ، يقول الإخواني الكويتي جاسم المهلهل في كتابه ((للدعاة فقط)): قول البنا عند الحديث عن مراحل الدعوة ومرحلة التكوين: ((إنها استخلاص العناصر الصالحة لحمل أعباء الجهاد وضم بعضها إلى بعض، ونظام الدعوة في هذا الطور صوفي بحت من الناحية الروحية وعسكري بحث من الناحية العملية)) اهـ.

والجدير بالذكر أن البنا ركز في بناء جماعته الثقافي والروحي على مجموعة من أهم كتب التصوف ومنها: شرح حكم ابن عطاء الله السكندري، ورسالة المسترشدين للحارث المحاسبي،  والأنوار المحمدية للنبهاني ، والرسالة القشيرية، وإحياء علوم الدين للإمام أبي حامد الغزالي.

وهذا الإغراق في التصوف ساهم في خروج شباب مستميت في طاعة مرشد الجماعة حتى إنه يكون بين يديه مثل الميت بين يدي مغسله، وهذا ما قاله بالفعل مرشد الجماعة عمر التلمساني واصفاً نفسه مع إمامه حسن البنا.


لقد استغل المرشد والإخوان الموالد الصوفية للحشد والتجنيد والدعاية للجماعة، يقول الإخواني عباس السيسي : " دعا الإخوان المسلمون بالإسكندرية إلى الاحتفال بذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم في حفل يحضره فضيلة المرشد العام حسن البنا بمسجد نبي الله دانيال ... وبدا الأستاذ المرشد حسن البنا محاضرته ، ثم دخل في الموضوع الذكرى ، فقال : نحيي ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومن حق الناس جميعاُ مسلمين وغير مسلمين أن يحتفلوا بهذه الذكرى المباركة ، فرسولنا عليه الصلاة والسلام لم يأت للمسلمين فقط ". ولاحظ إن البنا هنا يسقط في وجدان المتلقين إنه لا بأس من اجتماع المسلم والكافر في نشاط ديني معين، وذلك يمهد ويسوغ قبول النصارى كأعضاء في جماعة الإخوان وهو ما وقع فعلاً.

 و كان البنا من خلال الموكب  الصوفي في المولد يؤسس للقيام بالمسيرات والمظاهرات اللافتة للأنظار، يقول محمود عبد الحليم :" كنا نذهب جميعا كل ليلة إلى مسجد السيدة زينب فنؤدي صلاة العشاء ، ثم نخرج من المسجد ، ونصطف صفوفاً ، يتقدمنا الأستاذ المرشد حسن البنا ، ينشد نشيداً من أناشيد المولد النبوي ، ونحن نردده من بعده بصوت جهوري جماعي يلفت النظر" .

ولقد استغل البنا مرتبة المحاسبة الصوفية في ضبط تنظيم الإخوان، يقول بعض الباحثين : " وحرص البنا على الاستفادة من التراث الصوفي في ضبط بنية تنظيمه والارتقاء بها روحيا فوضع له ورد المحاسبة في اليوم والليلة ليكون أداة تضبط مدي التزام الفرد بواجباته سواء في العبادات أو الدعوة، كما لجأ إلى  الترقية الروحية بممارسات وطرائق  صوفية، فقد كان كتاب " التوهم " للحارث المحاسبي من المقررات التربوية الأساسية في الجماعة واستمر حينا من الدهر يدرس في الأسر ويطبق في الليالي التعبدية في لقاءات الكتائب ".


وكذلك أخذ البنا الترتبية التنظيمية في الإخوان ( من أساس صوفي مارسهو هو بنفسه حينما كان نشيطاً في الحضرة الصوفية، قال جابر رزق في كتابه ((حسن البنا بأقلام تلامذته ومعاصريه)) (ص:8) : ((وفي دمنهور توثقت صلته - يعني حسن البنا - بالإخوان الحصافية، وواظب على الحضرة في مسجد التوبة في كل ليلة مع الإخوان الحصافية، ورغب في أخذ الطريقة، حتى انتقل من مرتبة (المحب) إلى مرتبة (التابع المبايع). 

أما من يقول إن المدائح النبوية الصوفية ستشغل الشباب عن الأناشيد الجهادية، فيقال له إن تلك المدائح المبتدعة لم تؤثر في مرشد الجماعة الإرهابية؛ بل كانت بمثابة السنارة التي يصطاد بها الآخرين، يقول أخوه عبد الرحمن البنا في كتابه ((حسن البنا بأقلام تلامذته ومعاصريه)) (ص 71-72) وهو يصفه في موكب مولد الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: ((فسار في الموكب حسن البنا، ينشد مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك حين يهلّ هلال ربيع الأول، كنا نسير في موكب مسائي في كل ليلة حتى ليلة الثاني عشر، ننشد القصائد في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان من قصائدنا المشهورة في هذه المناسبة المباركة: 

صلى الإله على النور الذي ظهرا *** للعالمين ففاق الشمس والقمرا

 كان هذا البيت الكـريم تردده المجمــوعة، بينما ينشد أخـي وأنشد معـــه:

 هذا الحبيب مع الأحباب قد حضـرا *** وسامح الكلَّ فيما قد مضى وجرى!!)) اهـ. 

أمن من يعتقد أن التصوف كان مرحلة خلفها حسن البنا ورائه فهو واهم، يقول الشيخ أبو الحسن علي الندوي في كتابه ((التفسير السياسي للإسلام)) (ص:138-139): ((الشيخ حسن البنا ونصيب التربية الروحية في تكوينه وفي تكوين حركته الكبرى: إنه كان في أول أمره – كما صرح بنفسه- في الطريقة الحصافية الشاذلية وكان قد مارس أشغالها وأذكارها وداوم عليها مدة، وقد حدثني كبار رجاله وخواص أصحابه أنه بقي متمسكاً بهذه الأشغال والأوراد- إلى آخر عهده وفي زحمة أعماله)) اهـ .

والخلاصة أن التصوف ليس علاجاً للتطرف؛ بل هو بيئة خصبة جداً لتربية الشباب على الانسلاخ من الاعتصام بالكتاب والسنة وفهم السلف الصالح للطاعة العمياء لقادة الفكر المتطرف ينتقون منهم من يتأملون فيه تحقيق أهدافهم الإرهابية.

ولعل من أهم شخصيات التصوف الإخواني:

عمر التلمساني :

قال عمر التلمساني المرشد العام السابق للإخوان في كتاب ( شهيد المحراب ) :" قال البعض إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لهم إذا جاؤه حياً فقط ولم أتبين سبب التقييد في الآية عند الاستغفار بحياة النبي صلى الله عليه وسلم  وليس في الآية ما يدل على هذا التقييد"ص 225 ، 265.

 ويقول أيضاً: " لذا أراني أميل إلى الأخذ بالرأي القائل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  يستغفر حياً وميتاً لمن جاءه قاصداً رحابه الكريم"،

 ويقول في نفس الصفحة: " فلا داعي إذا للتشدد في النكير على من يعتقد في كرامات الأولياء واللجوء إليهم في قبورهم الطاهرة والدعاء فيها عند الشدائد، وكرامات الأولياء من أدلة معجزات الأنبياء"ص226. 

سعيد حوى:

سعيد حوى إخواني صوفي تربى على يد الاخواني الصوفي محمد الحامد، و كان الحامد خطيب مسجد السلطان، وهو المسجد الرئيسي في حماة، وكان شيخاً صوفياً في الطريقة النقشبندية وأحد مؤسسي فرع جماعة الإخوان المسلمين في المدينة، وأصبح حوى تحت توجيهه عضواً في الجماعة في عام 1953 بالإضافة لانخراطه في التصوف.

 قال سعيد حوى:" لقد تتلمذت في باب التصوف على من أظنهم أكبر علماء التصوف في عصرنا, وأكثر الناس تحقيقا به وأذن لي بعض شيوخ الصوفية بالتربية, وتسليك المريدين" "تربيتنا الروحية" (ص 16). وسعيد حوى قد ساهم في إنشاء خلايا إخوانية سرية في كل مكان نزل به، ونشر الفكر الإخواني الصوفي في طائفة من الشباب في السعودية أثناء عمله في التدريس هناك.

 قال سعيد حوى :" وقد حدثني مرة نصراني عن حادثة وقعت له شخصياً وهي حادثة مشهورة معلومة جمعني الله بصاحبها بعد أن بلغتني الحادثة من غيره وحدثني كيف أنه حضر حلقة ذكر فضربه أحد الذاكرين بالشيش في ظهره حتى خرج الشيش وحتى قبض عليه ثم سحب الشيش منه ولم يكن لذلك أثر ولا ضرر، إن هذا الشئ الذي يجري في طبقات أبناء الطريقة الرفاعية هو من أعظم فضل الله على هذه الأمة" (تربيتنا الروحية) ص 118 .

النابلسي:

وهو إخواني صوفي له عقائد خرافية ومنها:

قوله أن "هو" اسم من أسماء الله الحسنى ، وأن ترديد " هو هو هو هو " من الذكر !

وعقيدته في الصفات عقيدة منحرفة

ويدافع عن عقيدة إمام الصوفية الملحد الحلاج

إذن التصوف ليس علاجاً للتطرف بل وقود له


 يقول سيد قطب: "لنضرب، لنضرب بقوة، ولنضرب بسرعة، أما الشعب فعليه أن يحفر القبور ويهيل التراب".