الثلاثاء، 14 يونيو 2016

أسرار بين العلامة بن باز رحمه الله وبين الضال أسامة بن لادن


   "ونصيحتي للمسعري والفقيه وابن لادن وجميع من يسلك سبيلهم أن يدَعوا هذا الطريق الوخيم، وأن يتقوا الله ويحذروا نقمته وغضبه، وأن يعودوا إلى رشدهم، وأن يتوبوا إلى الله مما سلف منهم" سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.

سنون طويلة قد مضت على فتوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في ضلال أسامة بن لادن وإنحراف منهجه عن الصراط المستقيم إلا انه لا زالت هناك أسئلة قائمة وملحة تحتاج إجابة صريحة وواضحة لا لبس فيها ولا غش .

وقبل أن أطرح هذه الأسئلة بين يدي القارىء الكريم لابد من سرد سريع لتاريخ هذه الفتوى البازية المهمة .

لقد صدرت هذه الفتوى في الجامع الكبير 1/5/ 1417هـ وهو وقت بلغ فيه أسامة بن لادن مبلغاً عظيماً في نفوس ما يسمى ب (شباب الصحوة) ؛ بل كان مدحه من قبل الدعاة دليل على صحة المنهج ودعم الجهاد وصدق الوقوف أمام العدو المشترك للصحوة والصحويين ألا وهو ما يطلقون عليه (الطغاة) ويقصدون بذلك جميع حكام المسلمين لا يستثنون أحداً حتى أولئك الحكام الذين دعموا الجهاد الأفغاني بكل شيء !

إن من الجدير بالذكر أن نعلم أن أسامة بن لادن قد أصدر بياناً أقذع فيه بحق سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في البيان رقم (11) هيئة النصيحة والإصلاح بتوقيع أسامة بن لادن، تاريخ  27/7/1415هـ - 29/12/1994م، ولم يخل البيان بالطبع من تكفير حكام السعودية وأن الحرمين محتلين بسبب فتاوى ابن باز كما يقول في بيانه :" هذه الفتاوى المخذلة عن الجهاد والمخلدة إلى الأرض، هذه الفتاوى التي تقر احتلال العدو لأقدس مقدسات المسلمين بعد الحرمين الشريفين، وتضفي الصبغة الشرعية عليه، وتدعم بكل قوة مساعي العدو لضرب الجهود الإسلامية المتلهفة لتحرير فلسطين عن طريق الجهاد"أهـ .

ورغم ذلك لم يكن أحد في ذلك الوقت ولا بعده بقليل –حتى من يعلم ضلال أسامة- يستطيع أن ينبس ببنت شفة في نقده بله التحذير منه اللهم إلا بعض العلماء السلفيين كالشيخ مقبل الوادعي في اليمن ، وكالشيخ ربيع المدخلي الذي واجهت الصحوة أشرطته وفتاويه بالتخوين والرمي بالعمالة لأنه ومنذ حرب الخليج لم يكن يفتىء من التحذير من كافة الجماعات ورؤوسها بما في ذلك أسامة بن لادن .

وحينما دفع أسامة بعجلة التفجيرات في السعودية و جد في نشر دعايته لتنظيم القاعدة كان دعاة الصحوة ينئون بأنفسهم عن نقده أو الكلام فيه صراحة بينما تولى الشباب الذين تأثروا بأشرطة الشيخ ربيع القيام بنسخ وتوزيع الفتوى البازية في أسامة على نظاق واسع ليتخطى الحدود السعودية إلى خارجها وساعد في ذلك وبشكل كبير شبكة الانترنت .

و ساهم انتشار القتوى في قيام بعض الدعاة ممن لم يعرفوا بانتماء حزبي ولا حركي أن يضمنوا كلماتهم وخطبهم ومحاضراتهم العلمية مقاطع من الفتوى البازية في التحذير من إنحراف أسامة وتنظيم القاعدة ، ولكن قد واجه كثير منهم مواقف وردات فعل عنيفة من شباب الصحوة وصلت ببعضهم لإطفاء المايكرفون على الشيخ ووصلت بآخرين للقيام والإستنكار لهذا الكلام ؛ بل واتهام المتحدث بالكذب على سماحة الشيخ بن باز .

والعجيب أن الحرب على هذه الفتوى وصلت لحد أن تم بتر كلام سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في أسامة من كتيب طبعت فيه الفتوى منفردة تحت إشراف جهة علمية شرعية في المملكة ، ووصل الأمر ببعض شباب الصحوة إلى استصدار فتوى شهيرة ومسجلة من عالم كبير عُرف بدفاعه عن رموز الصحوة يكذب فيها أن يكون الشيخ بن باز تكلم في أسامة ، ولكن جاء الرد سريعاً من الشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء يؤكد صحة الفتوى ويكذب من كذبها.

ومع وجود الآف المواقع الدينية التي تنتمي لكافة الجماعات والحركات من إخوان وسرورية وغيرها لن تجد أي أثر لهذه الفتوى ! حتى في قمة إزدياد وتيرة العمليات التفجيرية التي دبرها أسامة وتنظيمه القاعدة في السعودية .

وبعد مدة طويلة جداً حين لم يعد إجرام وضلال أسامة وتنظيم القاعدة سراً ؛ بل أصبح العامة يتهمون من يدافع عنه بأنه على طريقته ، حينها بدأ القلة من رموز الصحوة –بعد خراب مالطا- يتكلمون بنوع من النقد في أسامة بن لادن ، أما قبل ذلك فقد كانوا في هذا الباب صم بكم عمي لا ينطقون ؛ فمثلاً سلمان العودة في عام 1428هـ أي بعد 11 سنة من فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز أرسل رسالة نصح لأسامة بن لادن نشرها في موقعه حملت الكثير من التلطف فقد كان يكرر بين كل جملة وأخرى قوله : أخي أسامة ! ولأ أذيع سراً أن العودة أمام الرأي العام المحلي والغربي كان ملزماً بمثل هذا الكلام لأنه قبل كلام العودة بأيام خرج شريط لتنظيم القاعدة يحتفلون فيه بذكرى غزوة مانهاتن كما يقولون وظهر تسجيل لأحد منفذي العملية 9/11 وهو يتحدث ويذكر في سياق المدح سلمان العودة باسمه !

http://www.islamtoday.net/salman/artshow-78-10136.htm 

ولقد تنفست الصحوة الصعداء بعد ولود داعش فوجهوا لها مدافعهم وتركوا أبوها غير الشرعي (تنظيم القاعدة) و مؤسسه أسامة الذي قضى في عملية عسكرية أمريكية أودت بحياته 2 مايو 2011 م ، وكأن داعش وفكر داعش نزلت به صحون الفضاء في ليلة لم يشهدها أحد .

ورغم وجود الآف المعرفات في مواقع التواصل الاجتماعي لدعاة الصحوة وأتباعهم لم يحدث ولو لمجرد الصدفة أن أحداً منهم نقل هذه الفتوى ؛ بل على العكس من ذلك جدهم يثنون على شخصيات حزبية من خارج السعودية معروفة بالدفاع عن أسامة بن لادن واتهام كل من أنتقده بالعداء للإسلام والجهاد والمجاهدين ، وكمثال على ذلك : الداعية السوداني عبد الحي يوسف شارك في السودان بمهرجان كبير لتأبين أسامة بن لادن ودبج سيرته بالمديح ووصف كل من وقف ضده بأوصاف قبيحة ، ومع ذلك نجد داعية كمحمد العريفي يثني على عبد الحي يوسف ويروج له بل وزاره وأقام المحاضرات عنده وبصحبته حينما زار السودان!

إن موقف الدعاة الحركيين من غلو القاعدة ومؤسسها يبرز اليوم في عدة توجهات :

منهم من يلتزم الصمت ولا يتفوه فيهم بكلمة ، ولكنه من جهة أخرى لا يربط فكر داعش بتنظيم القاعدة ، ولا ينتقد تفرعات القاعدة الأخرى كجبهة النصرة ، ومن ناحية أخرى يروج للدعاة الذين يمدحون ابن لادن وثنون عليه.

ومنهم من اكتفى بكلمة أو كلمتين في أسامة وبات يتخذها راية يرفعها في وجه كل من دعاه إلى الحديث بتفصيل ووضوح في القاعدة، وكأنه يقول : تبرأنا منهم وكفى !

ومنهم من لازال يمدح أسامة بن لادن بل وغرد بذلك في تويتر ، ولكنه لما رأى استنكار الناس سارع بحذف تغريداته ، ولم يكتب أي كلمة توضح توبته من ذلك الأمر !

بعد هذا كله يأتي دور الأسئلة المُلحة :

لماذا لم ينشر دعاة الصحوة الفتوى البازية في تضليل أسامة بن لادن؟ 

لماذا بقي أسامة بن لادن رمزاً عند شباب الصحوة ؟

لماذا استنكار بعض دعاة الصحوة لحركات الغلو ليس نتيجة دراسة استشرافية ولا نظرة آنية بل يكون كخطوة تأتي في وقت متأخر جداً تنعدم معه الفائدة منها ؟

إن واحداً من أهم أسباب تمدد فكر الغلاة ونشاطهم السكوت عنهم تحت ذرائع حزبية باتت معلومة لكل مراقب بصير بواقع الجماعات وأهدافها .

وإذا كنا سنؤجل البت في أمر كل حركة غلو جديدة حتى تهتك الأعراض وتستباح الدماء والأموال فما فائدة دراستنا لأحاديث افتراق الأمة وتحذير الكتاب والسنة من الافتراق في الدين وتأكيدهما على الاعتصام بهما والالتفاف حول جماعة المسلمين وإمامهم ؟

هناك تعليق واحد: