لا يختلف أهل العقل و الحجا في رفض الإرهاب والتطرف والغلو في الدين، وخطر ذلك كله على البشرية جمعاء وليس على المسلمين فقط، ولذلك تنشط الحكومات ويدعمها أهل العلم والعقل في مواجهة الإرهاب والإرهابيين وأنشطتهم الشنيعة المهلكة للحرث والنسل.
ولكن كن من بين الدعوات والأفكار لمواجهة الإرهاب وخطره دعوة تقول : لابد من الرجوع إلى التصوف لمواجهة خطر الإرهاب! وتجدد تبعاً لذلك نشاط دعاة وجماعات التصوف في الساحة . فهل صحيح أن الطريقة الصوفية هي البديل الأمثل للجماعة الحركية؟ وهل دعاة التصوف هم من يستطيع قيادة الشباب وانقاذهم من براثن الفكر الإرهابي؟
لن أخوض في سرد تاريخي عن الصوفية والتصوف وحكمها في الإسلام، وسأركز على ضرب مثال واحد سيكون فيه الجواب الشافي بإذن الله عن تلكم الأسئلة .
يتفق الجميع على أن جماعة الإخوان المسلمين التي أسسها حسن البنا جماعة إرهابية قد ولد الكثير من الإرهابيين والتنظيمات المتطرفة ، أما الإرهابيين فقد شهم القرضاوي أن أبابكر البغدادي أمير داعش من جماعة الإخوان
يقول حسن البنا : " وفي المسجد الصغير رأيت” الإخوان الحصافية” يذكرون الله تعالى عقب صلاة العشاء من كل ليلة، وكنت مواظبا على حضور درس الشيخ زهران رحمه الله بين المغرب والعشاء، فاجتذبني حلقة الذكر بأصواتها المنسقة ونشيدها الجميل وروحانيتها الفياضة ".
و يقول أيضاً : " التحقت بمدرسة المعلمين الأولية بدمنهور وفيها مدفن الشيخ وضريحه وقواعد مسجده الذي لم يكن تم حينذاك، وتم بعد ذلك، فكنت مواظبا على الحضرة في مسجد التوبة في كل ليلة وسألت عن مقدِّم الإخوان فعرفت أنه الرجل الصالح التقي الشيخ بسيوني العبد التاجر، فرجوته أن يأذن لي بأخذ العهد عليه ففعل، ووعدني بأنه سيقدمني للسيد عبد الوهاب عند حضوره، ولم أكن إلى هذا الوقت قد بايعت أحدا في الطريق بيعة رسمية وإنما كنت محبا وفق اصطلاحهم. وحضر السيد عبد الوهاب - نفع الله به - إلى دمنهور وأخطرني الإخوان بذلك فكنت شديد الفرح بهذا النبأ ..... حيث تلقيت الحصافية الشاذلية عنه وأدبني بأدوارها ووظائفها.".
إن من يدعون الشباب لما يسمونه الاستغراق في ( صفاء و استشراق التصوف ) لينقذوه من التطرف المظلم، لعلهم لم يطلعوا على مرشد الجماعة الإرهابية وهو يقول عن نفسه:" كانت أيام دمنهور ومدرسة المعلمين أيام الاستشراق في عاطفة التصوف والعبادة، ...فكانت فترة استغراق في التعبد والتصوف ...... نزلت دمنهور مشبعا بالفكرة الحصافية. ودمنهور مقر ضريح الشيخ السيد حسنين الحصافي شيخ الطريقة الأول، وفيها نخبة صالحة من الأتباع الكبار للشيخ. فكان طبيعيا أن أندمج في هذا الوسط، وأن أستغرق في هذا الاتجاه. وكنا في كثير من أيام الجمع التي يتصادف أن نقضيها في دمنهور، نقترح رحلة لزيارة أحد الأولياء الأقربين من دمنهور، فكنا أحيانا نزور دسوق فنمشي على أقدامنا بعد صلاة الصبح مباشرة، حيث نصل حوالي الساعة الثامنة صباحاً، فنقطع المسافة ني ثلاث ساعات وهي نحو عشرين كيلو مترا، ونزور ونصل الجمعة، ونسترح بعد الغداء، ونصل العصر ونعود أدراجنا إلى دمنهور حيث نصلها بعد المغرب تقريباً. وكنا أحيانا نزور عزبة النوام حيث دفن في مقبرتها الشيح سيد سنجر من خواص رجال الطريقة الحصافية والمعروفين بصلاحهم وتقواهم، ونقض هناك يوماً كاملاً ثم نعود".
إذن التصوف سيجمع للشاب بين العقائد الشركية والخرافات والتعلق بالموتى وبين الإرهاب! فبئست المحصلة هذه ؟
ويقول حسن البنا مبيناً ارتباطه الدائم بطريقته الصوفية وشيخها :" ولكني في النهاية فضلت أن أستمر في سلك التعلم، وأن أشد الرحال إلى القاهرة، حيث دار العلوم، وحيث المقر الرسمي لشيخنا السيد عبد الوهاب الحصافي".
أما الموالد البدعية الصوفية فقد كان مرشد الجماعة الإرهابية يحييها ويفاخر بذلك، يقول حسن البنا :" وأذكر أنه كان من عادتنا أن نخرج في ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم بالموكب بعد الحضرة، كل ليلة من أول ربيع الأول إلى الثاني عشر منه من منزل أحد الإخوان ..... وخرجنا بالموكب ونحن ننشد القصائد المعتادة في سرور كامل وفرح تام" .
وواظب البنا كغيره من المتصوفة على الذكر الصوفي من خلال الوظيفة الزرّوقية وهي الوظيفة التي كتب عنها والده عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتي، رسالة خاصة أسماها ( تنوير الأفئدة الزكية بأدلة أذكار الزروقية) .
وقد قام البنا بتأسيس أول بذرة صوفية لجماعة الإخوان حيث يقول: "وفي هذه الأثناء بدا لنا أن نؤسس في المحمودية جمعية إصلاحية هي” جمعية الحصافية الخيرية” واختير أحمد أفندي السكري التاجر بالمحمودية رئيسا لها وانتخبت سكرتيرا لها، ... وقد كافحت الجمعية في سبيل رسالتها مكافحة مشكورة وخلفتها في هذا الكفاح جمعية” الإخوان المسلمين” بعد ذلك ".
وبعد أن استقر البن في الإسماعيلية للتدريس فيها أسس جمعية الإخوان المسلمين الخيرية التي بدأت على غرار الجمعيات الصوفية قبل أن تتطور سريعا لتظهر فيها الروح الحركية الجديدة.
يقول البنا عن دعوة الإخوان أنها :"حقيقة صوفية " . فلم لم يمنعها تصوفها من إرهابها ؟!
مالم ينتبه له البعض أن البنا مزج ما بين الطريقة الصوفية وما بين التنظيم الشيوعي مستفيداً من البيئة السائدة في عصره حيث انتشار الطرق الصوفية والتنظيمات السرية الشيوعية ؛ فاستبدل الخلية (على طريقة الشيوعيين) بما أسماه (الأسرة الإخوانية) والتي رتبها ونظمها على نسق الطريقة الصوفية من حيث البيعة للمرشد والتفاني في الخدمة والطاعة العمياء، وتقديم مصلحة الأسرة الإخوانية على نفسه وأسرته ومجتمعه الحقيقية، مع التأكيد على السرية والانضباط التام والتراتبية والهرمية التي استوحاها من ( الخلية) الشيوعية.
وإذا كان التنظيم الشيوعي له قسمه الخاص فإن للجماعة ذلك من خلال البيعة الصوفية التي عدد البنا أركانها فقال:"أركان بيعتنا عشرة فاحفظوها : الفهم، والإخلاص، والعمل، والجهاد ، والتضحية، والطاعة، والثبات، والتجرد، والأخوة، والثقة".
إن في كل طريقة صوفية يوجد رابطة روحية ما بين المريد والطريقة وشيخها، ويتمثل ذلك في الورد (الذكر الخاص بالطريقة) وومجموعة من السلوكيات الصوفية التي ترسخ ولائه لها وتؤكد صدق انتمائه إليها، وهذا ما فعله البنا مع أتباعه حيث اخترع لهم مجموعة من الأوراد الخاصة وسماها " المأثورت " والزمهم بحفظها وعدم الاخلال بها كل يوم، كما قرر عليهم مجموعة من السلوكيات التي شملت حتى ترك بعض المباحات، ورتب على الإخلال بها عقوبات متنوعة.
ولقد طور البنا (الأسرة) لنظام (الكتيبة) حيث انتقل بالاتباع إلى التدريب على السلاح وحرب العصابات إلى جانب التربية الروحية الصوفية.
إذن الإخوان للوصول إرهابهم الذي يسمون زوراً (جهاداً)، يربون أتباعهم على التصوف ، يقول الإخواني الكويتي جاسم المهلهل في كتابه ((للدعاة فقط)): قول البنا عند الحديث عن مراحل الدعوة ومرحلة التكوين: ((إنها استخلاص العناصر الصالحة لحمل أعباء الجهاد وضم بعضها إلى بعض، ونظام الدعوة في هذا الطور صوفي بحت من الناحية الروحية وعسكري بحث من الناحية العملية)) اهـ.
والجدير بالذكر أن البنا ركز في بناء جماعته الثقافي والروحي على مجموعة من أهم كتب التصوف ومنها: شرح حكم ابن عطاء الله السكندري، ورسالة المسترشدين للحارث المحاسبي، والأنوار المحمدية للنبهاني ، والرسالة القشيرية، وإحياء علوم الدين للإمام أبي حامد الغزالي.
وهذا الإغراق في التصوف ساهم في خروج شباب مستميت في طاعة مرشد الجماعة حتى إنه يكون بين يديه مثل الميت بين يدي مغسله، وهذا ما قاله بالفعل مرشد الجماعة عمر التلمساني واصفاً نفسه مع إمامه حسن البنا.
لقد استغل المرشد والإخوان الموالد الصوفية للحشد والتجنيد والدعاية للجماعة، يقول الإخواني عباس السيسي : " دعا الإخوان المسلمون بالإسكندرية إلى الاحتفال بذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم في حفل يحضره فضيلة المرشد العام حسن البنا بمسجد نبي الله دانيال ... وبدا الأستاذ المرشد حسن البنا محاضرته ، ثم دخل في الموضوع الذكرى ، فقال : نحيي ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومن حق الناس جميعاُ مسلمين وغير مسلمين أن يحتفلوا بهذه الذكرى المباركة ، فرسولنا عليه الصلاة والسلام لم يأت للمسلمين فقط ". ولاحظ إن البنا هنا يسقط في وجدان المتلقين إنه لا بأس من اجتماع المسلم والكافر في نشاط ديني معين، وذلك يمهد ويسوغ قبول النصارى كأعضاء في جماعة الإخوان وهو ما وقع فعلاً.
و كان البنا من خلال الموكب الصوفي في المولد يؤسس للقيام بالمسيرات والمظاهرات اللافتة للأنظار، يقول محمود عبد الحليم :" كنا نذهب جميعا كل ليلة إلى مسجد السيدة زينب فنؤدي صلاة العشاء ، ثم نخرج من المسجد ، ونصطف صفوفاً ، يتقدمنا الأستاذ المرشد حسن البنا ، ينشد نشيداً من أناشيد المولد النبوي ، ونحن نردده من بعده بصوت جهوري جماعي يلفت النظر" .
ولقد استغل البنا مرتبة المحاسبة الصوفية في ضبط تنظيم الإخوان، يقول بعض الباحثين : " وحرص البنا على الاستفادة من التراث الصوفي في ضبط بنية تنظيمه والارتقاء بها روحيا فوضع له ورد المحاسبة في اليوم والليلة ليكون أداة تضبط مدي التزام الفرد بواجباته سواء في العبادات أو الدعوة، كما لجأ إلى الترقية الروحية بممارسات وطرائق صوفية، فقد كان كتاب " التوهم " للحارث المحاسبي من المقررات التربوية الأساسية في الجماعة واستمر حينا من الدهر يدرس في الأسر ويطبق في الليالي التعبدية في لقاءات الكتائب ".
وكذلك أخذ البنا الترتبية التنظيمية في الإخوان ( من أساس صوفي مارسهو هو بنفسه حينما كان نشيطاً في الحضرة الصوفية، قال جابر رزق في كتابه ((حسن البنا بأقلام تلامذته ومعاصريه)) (ص:8) : ((وفي دمنهور توثقت صلته - يعني حسن البنا - بالإخوان الحصافية، وواظب على الحضرة في مسجد التوبة في كل ليلة مع الإخوان الحصافية، ورغب في أخذ الطريقة، حتى انتقل من مرتبة (المحب) إلى مرتبة (التابع المبايع).
أما من يقول إن المدائح النبوية الصوفية ستشغل الشباب عن الأناشيد الجهادية، فيقال له إن تلك المدائح المبتدعة لم تؤثر في مرشد الجماعة الإرهابية؛ بل كانت بمثابة السنارة التي يصطاد بها الآخرين، يقول أخوه عبد الرحمن البنا في كتابه ((حسن البنا بأقلام تلامذته ومعاصريه)) (ص 71-72) وهو يصفه في موكب مولد الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: ((فسار في الموكب حسن البنا، ينشد مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك حين يهلّ هلال ربيع الأول، كنا نسير في موكب مسائي في كل ليلة حتى ليلة الثاني عشر، ننشد القصائد في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان من قصائدنا المشهورة في هذه المناسبة المباركة:
صلى الإله على النور الذي ظهرا *** للعالمين ففاق الشمس والقمرا
كان هذا البيت الكـريم تردده المجمــوعة، بينما ينشد أخـي وأنشد معـــه:
هذا الحبيب مع الأحباب قد حضـرا *** وسامح الكلَّ فيما قد مضى وجرى!!)) اهـ.
أمن من يعتقد أن التصوف كان مرحلة خلفها حسن البنا ورائه فهو واهم، يقول الشيخ أبو الحسن علي الندوي في كتابه ((التفسير السياسي للإسلام)) (ص:138-139): ((الشيخ حسن البنا ونصيب التربية الروحية في تكوينه وفي تكوين حركته الكبرى: إنه كان في أول أمره – كما صرح بنفسه- في الطريقة الحصافية الشاذلية وكان قد مارس أشغالها وأذكارها وداوم عليها مدة، وقد حدثني كبار رجاله وخواص أصحابه أنه بقي متمسكاً بهذه الأشغال والأوراد- إلى آخر عهده وفي زحمة أعماله)) اهـ .
والخلاصة أن التصوف ليس علاجاً للتطرف؛ بل هو بيئة خصبة جداً لتربية الشباب على الانسلاخ من الاعتصام بالكتاب والسنة وفهم السلف الصالح للطاعة العمياء لقادة الفكر المتطرف ينتقون منهم من يتأملون فيه تحقيق أهدافهم الإرهابية.
ولعل من أهم شخصيات التصوف الإخواني:
عمر التلمساني :
قال عمر التلمساني المرشد العام السابق للإخوان في كتاب ( شهيد المحراب ) :" قال البعض إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لهم إذا جاؤه حياً فقط ولم أتبين سبب التقييد في الآية عند الاستغفار بحياة النبي صلى الله عليه وسلم وليس في الآية ما يدل على هذا التقييد"ص 225 ، 265.
ويقول أيضاً: " لذا أراني أميل إلى الأخذ بالرأي القائل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر حياً وميتاً لمن جاءه قاصداً رحابه الكريم"،
ويقول في نفس الصفحة: " فلا داعي إذا للتشدد في النكير على من يعتقد في كرامات الأولياء واللجوء إليهم في قبورهم الطاهرة والدعاء فيها عند الشدائد، وكرامات الأولياء من أدلة معجزات الأنبياء"ص226.
سعيد حوى:
سعيد حوى إخواني صوفي تربى على يد الاخواني الصوفي محمد الحامد، و كان الحامد خطيب مسجد السلطان، وهو المسجد الرئيسي في حماة، وكان شيخاً صوفياً في الطريقة النقشبندية وأحد مؤسسي فرع جماعة الإخوان المسلمين في المدينة، وأصبح حوى تحت توجيهه عضواً في الجماعة في عام 1953 بالإضافة لانخراطه في التصوف.
قال سعيد حوى:" لقد تتلمذت في باب التصوف على من أظنهم أكبر علماء التصوف في عصرنا, وأكثر الناس تحقيقا به وأذن لي بعض شيوخ الصوفية بالتربية, وتسليك المريدين" "تربيتنا الروحية" (ص 16). وسعيد حوى قد ساهم في إنشاء خلايا إخوانية سرية في كل مكان نزل به، ونشر الفكر الإخواني الصوفي في طائفة من الشباب في السعودية أثناء عمله في التدريس هناك.
قال سعيد حوى :" وقد حدثني مرة نصراني عن حادثة وقعت له شخصياً وهي حادثة مشهورة معلومة جمعني الله بصاحبها بعد أن بلغتني الحادثة من غيره وحدثني كيف أنه حضر حلقة ذكر فضربه أحد الذاكرين بالشيش في ظهره حتى خرج الشيش وحتى قبض عليه ثم سحب الشيش منه ولم يكن لذلك أثر ولا ضرر، إن هذا الشئ الذي يجري في طبقات أبناء الطريقة الرفاعية هو من أعظم فضل الله على هذه الأمة" (تربيتنا الروحية) ص 118 .
النابلسي:
وهو إخواني صوفي له عقائد خرافية ومنها:
قوله أن "هو" اسم من أسماء الله الحسنى ، وأن ترديد " هو هو هو هو " من الذكر !
وعقيدته في الصفات عقيدة منحرفة
ويدافع عن عقيدة إمام الصوفية الملحد الحلاج
إذن التصوف ليس علاجاً للتطرف بل وقود له
يقول سيد قطب: "لنضرب، لنضرب بقوة، ولنضرب بسرعة، أما الشعب فعليه أن يحفر القبور ويهيل التراب".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق