إن من أهم الخصال التي يتطلبها الشارع الحكيم من المسلم ويحثه على الإلتزام بها خصلة إحترام من هو أكبر منزلة وسناً ومكانة ، كما إنه حثه وأكد عليه رحمة الصغير ، وعدم التكبر أو الإستعلاء على من هو دونه في النسب أو المكانة الاجتماعية المالية.
وإن من المؤسف له أنك تجد من المسلمين اليوم من يريد أن يستلهم قيمه من المجتمعات الغربية التي يسمونها المجتمعات الديمقراطية ، لذا فإن قيمة الإحترام لذات القانون وليس نابعة من القلب ! وكان من نتاج ذلك أنه كلما سمح القانون بانتهاك مساحة الاحترام سارع الغربي إلى اهتبال ذلك وترجمه في تصرفات شاذة وغريبة عن الإسلام وقيمه .
ومن الأمثلة الصارخة على ذلك : قضية إحترام رئيس الدولة في المجتمعات الغربية ؛ فتجد أن القوانيين الوضعية تمنع فقط من التعدي الحسي كمحاولة القتل أو الإيذاء البدني للرئيس ! أما ما عدا ذلك فهو كلأ مباح ، ولذلك تجدهم في الفضائيات والحدائق العامة يلعنونه ، ويتسابقون في نشر أدق تفاصيل حياته وحياة أفراد أسرته ، ولربما حاول الصحفيون متابعته حتى في منزله لتصويره وتتبع زلاته !
ومع الثورة الكبيرة في وسائل الإعلام وتمكن كثير من المسلمين من التحدث عبرها وبحرية عريضة أصبحنا نرى من يريد أن يستلهم التجربة الغربية الملعونة في تعامله مع ولاة الأمر لينحي بذلك النصوص الشرعية والفهوم السلفية لهذه النصوص التي باتت محل إجماع مرقوم في أسفار عقائد أهل السنة والجماعة ، ويتلقاه الخلف عن السلف .
نعم !
هناك من يريد أن يجعل من ولي أمر المسلمين أضحوكة يهزأ بها الجميع ! فيلوك عرضه حتى الصغار ! ويصبح محل للتندر في مجالس العامة ومنتدياتهم !
وقد بدأت هذه السنة السيئة والضلال المقيتة تأخذ طريقها للانتشار عبر مواقع التواصل الاجتماعي كتويتر والفيسبوك والمنتديات ! وكان أول فاتح باب لها هم دعاة الصحوة المزعومة من إخوان وسروريين حيث التحموا مع الشيوعيين والليبراليين في تبني هذا المبدأ ، وقاموا فعلاً عبر المنابر والكتب فاقتحموا الحمى ليكسروا حاجز الخوف عند العوام !
ومن خلال متابعة حامد العلي مثلاً
وهذه أمثلة على طعنه في حكام الخليج الذي يحكم فيه بولاية العهد :
هل هذا نقد هادف يسعى للإصلاح وهو يتحدث
عن الفروج والقذف !
عن الفروج والقذف !
أنك لاتجد عند هؤلاء إلا كلمات الشر والسم الزعاف الذي هدفه انتهاك حرمة ولاة الأمر وأعراضهم !
إن الولوغ في أعراض ولاة الأمر واهانتهم وعدم توقيرهم لم يكن ليتقبله البعض لولا أنه لُبس لبوس :
-حرية الرأي .
-حرية النقد .
-نشر قيم الإنسانية .
-المجتمع المدني .
وكل هذه الأمور الأربعة أخذت بقالبها الغربي ، وأضيفت عليها مسحة الإسلام لأن الذي تبناها ودعا إليها شخص بلحية وبشت ويسمى داعية إسلامياً ! أما كونها مصادمة لنصوص الشرع وفهم السلف وإجماعهم فهذا لا يلتفت إليه البتة !
وكلما صرخ داعية سلفي فقال لهم : اتقوا الله ولا تهينوا ولي الأمر ولا تتعدوا عليه !
قال له الأحزاب : أنت غال في الطاعة ! تخلع على الحاكم ثوب الربوبية والإلهية !
وبعيداً عن الجدل الصاخب ، أقول على المسلم بداهة أن يعرض هذا الأمر على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ثم ينظر في فهم السلف الصالح كيف تعاطوا مع هذا الأمر ليسير بعد ذلك السير الذي يحبه الله تعالى ودعا إليه رسوله صلى الله عليه وسلم فيسعد في الدارين الدنيا والآخرة ، والله لا يضيع عمل المصلحين .
تعالوا لنتأمل هذه النصوص :
قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ}( التوبة(آية/71)) ،
وقال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ }( المائدة(آية/55)) ،
وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}(الحجرات(آية/10)).
فالسلطان المسلم داخل في هذه الآيات وحظه من المناصرة والإكرام محفوظ وهو حق واجب على ما سيأتي.
قال ابن أبي عاصم في السنة: " باب في ذكر فضل تعزيز الأمير وتوقيره"
ثم ذكر حديث معاذ -- رضي الله عنه -- .
قال النبي -- صلى الله عليه وسلم -- : ((خمس من فعل واحدة منهن كان ضامناً على الله -عزَّ وجلَّ-: من عاد مريضاً ، أو خرج مع جنازة ، أو خرج غازيا ، أو دخل على إمامة يريد تعزيزه وتوقيره، أو قعد في بيته فسلم الناس منه ، وسلم من الناس))(صحيح ،المسند(5/241)).
والتعزير: الإعانَةُ ، والتَّوقيرُ ، والنَّصرُ مرّة بعد مرَّة (النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير(3/228)) .
وقال النبي -- صلى الله عليه وسلم -- : ((سيكون بعدي سلطان فأعِزُّوهُ ، من التمس ذُلَّهُ ثَغَرَ ثَغْرَةً في الإسلام ، ولم يقبل منه توبة حتى يعيدها كما كانت))(رواه ابن أبي عاصم في السنة(2/513رقم1079) وسنده صحيح).
فأوجب النبي -- صلى الله عليه وسلم -- إعزاز السلطان ، وحرَّم إذلاله ، وتوعد من أذلَّه بعدم قبول توبته.
وقال النبي -- صلى الله عليه وسلم -- : ((من أكرم سلطان الله أكرمه الله ، ومن أهان سلطان الله أهانه الله))(حسن، المسند(5/42، 48-49) ).
54
وقال حذيفة -- رضي الله عنه --: "لا يمشين رجل منكم شبرا إلى ذي سلطان ليذله فلا والله لا يزال قوم أذلوا السلطان أذلاء إلى يوم القيامة"(سنده صحيح،رواه ابن أبي شيبة في المصنف(7/487)).
قال سهل بن عبد الله التستري -رحمَهُ اللهُ- : " لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء ، فإذا عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم ، وإذا استخفوا بهذين أفسدوا دنياهم وأخراهم".
وقال ابن جماعة في "تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام" ذاكراً حقوق ولي الأمر: "الحق الرابع: أن يُعرف له عظيم حقه ، وما يجب من تعظيم قدره فيعامل بما يجب له من الاحترام والإكرام ، وما جعل الله تعالى له من الإعظام ، ولذلك كان العلماء الأعلام من أئمة الإسلام يعظمون حرمتهم ، ويلبون دعوتهم ، مع زهدهم وورعهم ، وعدم الطمع فيما لديهم ، وما يفعله بعض المنتسبين إلى الزهد من قلة الأدب معهم فليس من السنة".
وقال ابن القيم -رحمَهُ اللهُ- : " فائدةٌ: تقبيل يد السلطان. عوتب ابن عقيل في تقبيل يد السلطان حين صافحه ، فقال: أرأيتم لو كان والدي فعل ذلك فقبلتُ يده ، أكان خطأ أم واقعاً موقِعَه؟
قالوا: بلى . قال: فالأب يربِّيْ ولدَه تربية خاصة ، والسلطانُ يُرَبِّي العالَمَ تربيةً عامَّةً ، فهو بالإكرام أولى، ثم قال: وللحال الحاضرة حكمُ مَن لابسها ، وكيف يُطْلَبُ من المبتلى بحال ما يطلب من الخالي عنها"بدائع الفوائد(3/694).
ثم يقال ما الفائدة التي تعود على من سب ولاة الأمور وسعى في نشر معايبهم ؟! وهل ذلك من الإصلاح في شيء ؟!
فيجاب عن ذلك : نحن نقطع أن دين الإسلام صالح لكل زمان ومكان ، وأنه لن يصلح أمر آخر هذه الأمة إلا بما صلح عليه أمر أولها ، وأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لم يترك خيراً وباباً لصلاح الأمة إلا ودلها عليه ، ولم يترك شراً وباباً لفساد الأمة إلا وحذرها منه .
كما إننا نقطع أن نبينا صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى دلنا على شرع الله تعالى وحكمه في التعامل مع الحكام سواء من عدل منهم أو من جار عن سواء السبيل ، ورغم الأحاديث الكثيرة في هذا الباب ، ورغم سؤال الصحابة رضي الله عنهم له عن طريقة التعامل مع ولاة الظلم والجور فإنه لم يذكر ولو في حديث واحد إهانة ولي الأمر ولا نشر معايبه البتة ! بل على العكس من ذلك كان التوجيه بالصبر والدعاء .
وهذا محل إجماع عند السلف رحمهم الله ومن تبعهم بإحسان ممن جاء بعدهم وحمل لواء السنة خلفهم :
قال أبو مسلم الخولاني -رحمَهُ اللهُ- : "إنه مؤمر عليك مثلك ، فإن اهتدى فاحمد الله ، وإن عمل بغير ذلك فادع له بالهدى ، ولا تخالفه فتضل".
وقال الفضيل بن عياض -رحمَهُ اللهُ- : "لو كان لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في السلطان.
قيل له: يا أبا علي فسِّرْ لنا هذا. قال: إذا جعلتها في نفسي لم تعدني ، وإذا جعلتها في السلطان صلح فصلح بصلاحه العباد والبلاد .".
قال الإمام البربهاري -رحمَهُ اللهُ- : "وإذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى ، وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة -إنْ شَاءَ اللهُ- ." ثم ذكر قول الفضيل بن عياض السابق ثم قال: "فأمرنا أن ندعو لهم بالصلاح ، ولم نؤمر أن ندعو عليهم وإن جاروا وظلموا ، لأنَّ جورهم وظلمهم على أنفسهم ، وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين"شرح السنة(ص/113-114).
وقال الطحاوي -رحمَهُ اللهُ- : "ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا ، ولا ندعو عليهم ، ولا ننزع يداً من طاعتهم ، ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة، ما لم يأمروا بمعصية ،وندعو لهم بالصلاح والمعافاة".
والدعاء لولاة الأمر من عقيدة أهل السنة كما ذكر ذلك الأئمة: البربهاري والطحاوي وأبو عثمان الصابوني وأبو الحسن الأشعري وأبو بكر الإسماعيلي وابن عبد البر وغيرهم من السلف والخلف .
وقد سئل شيخ الإسلام عبد العزيز بن باز -رحمَهُ اللهُ- : عن الذي يمتنع من الدعاء لولي الأمر فأجاب -رحمَهُ اللهُ- : "هذا من جهله، وعدم بصيرته، الدعاء لولي الأمر من أعظم القربات ، ومن أفضل الطاعات ، ومن النصيحة لله ولعباده، والنبي-- صلى الله عليه وسلم --لما قيل له إن دوساً عصت قال: ((اللهم اهد دوسا وأت بهم، اللهم اهد دوسا وأت بهم))(1) ، يدعو للناس بالخير ، والسلطان أولى من يدعى له، لأنَّ صلاحه صلاح للأمة فالدعاء له من أهم الدعاء، ومن أهم النصح؛ أن يوفق للحق وأن يعان عليه، وأن يصلح الله له البطانة وأن يكفيه الله شر نفسه وشر جلساء السوء، فالدعاء له بأسباب التوفيق والهداية وبصلاح القلب والعمل من أهم المهمات ومن أفضل القربات"( المعلوم من واجب العلاقة بين الحاكم والمحكوم(ص/21) ).
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- في شرحه للعقيدة الطحاوية: " لا يجوز الدعاء عليهم: لأنَّ هذا خروج معنوي، مثل الخروج عليهم بالسلاح، وكونه دعا عليهم؛ لأنه لا يرى ولايتهم، فالواجب الدعاء لهم بالهدى والصلاح، لا الدعاء عليهم، فهذا أصل من أصول أهل السنة والجماعة، فإذا رأيت أحداُ يدعو على ولاة الأمور، فاعلم أنه ضال في عقيدته، وليس على منهج السلف، وبعض الناس قد يتخذ هذا من باب الغيرة والغضب لله عز وجل، لكنها غيرة وغضب في غير محلهما؛ لأنهم إذا زالوا حصلت المفاسد.
قال الإمام الفضيل بن عياض -رحمه الله- ويروي ذلك عن الإمام أحمد يقول: (لو أني أعلم أن لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان).
والإمام أحمد صبر في المحنة، ولم يثبت عنه أنه دعا عليهم أو تكلم فيهم، بل صبر وكانت العاقبة له، هذا مذهب أهل السنة والجماعة.
فالذين يدعون على ولاة أمور المسلمين ليسوا على مذهب أهل السنة والجماعة، وكذلك الذين لا يدعون لهم، وهذا علامة أن عندهم انحرافاً عن عقيدة أهل السنة والجماعة.
وبعضهم ينكر على الذين يدعون في خطبة الجمعة لولاة الأمور، ويقولون: هذه مداهنة، هذا نفاق، هذا تزلف!!
سبحان الله ! هذا مذهب أهل السنة والجماعة، بل من السنة الدعاء لولاة الأمور؛ لأنهم إذا صلحوا صلح الناس، فأنت تدعو لهم بالصلاح والهداية والخير، وإن كان عندهم شر، فهم ما داموا على الإسلام فعندهم خير، فما داموا يُحَكِّمون الشرع، ويقيمون الحدود، ويصونون الأمن، ويمنعون العدوان عن المسلمين، ويكفون الكفار عنهم، فهذا خير عظيم، فيدعى لهم من أجل ذلك. وما عندهم من المعاصي والفسق، فهذا إثمه عليهم، ولكن عندهم خير أعظم، ويُدعى لهم بالاستقامة والصلاح فهذا مذهب أهل السنة والجماعة، أما مذهب أهل الضلال وأهل الجهل، فيرون هذا من المداهنة والتزلف، ولا يدعون لهم، بل يدعون عليهم.
والغيرة ليست في الدعاء عليهم، فإن كنت تريد الخير؛ فادعُ لهم بالصلاح والخير، فالله قادر على هدايتهم وردهم إلى الحق، فأنت هل يئست من هدايتهم؟ هذا قنوط من رحمة الله، وأيضاً الدعاء لهم من النصيحة، كما قال عليه الصلاة والسلام: ((الدين النصيحة، الدين النصيحة، الذين النصيحة)) قلنا: لمن يا رسول الله ؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم))(1) . فهذا أصل عظيم يجب التنبه له، وبخاصة في هذه الأزمنة. "انتهى كلامه.
فكيف نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير أيها المسلمون !
فائدة :
لم يقف هؤلاء حامد العلي و السويدان والعريفي وسلمان العودة على الولوغ في أعراض ولاة الأمر !
بل سرى الأمر منهم إلى ابنائهم الذين زادوا بسب العلماء والسلف
كما فعل ابن سلمان العودة معاذ الذي وصف مذهب السلف بأن فيه خروج على الحاكم !
ولم يكتفوا بذلك بل صاروا يشتمون حتى الشعوب
فهذه بنت سلمان العودة آسيا تسب الشعب السعودي وتصفهم بأنهم غنم ( يعني بهايم ) أجلكم الله !
ولا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل حيث لم يسلم من هؤلاء الإخونجية وابنائهم لا ولي أمر ولا عالم ولا شعب !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق