الأربعاء، 28 أكتوبر 2015

مرحلة الكُمون أخطر مرحلة في سلوك وفكر الإرهابي






ركزوا معي على آخر جملة من هذا الخبر :"لم يلاحظ عليه في الآونة الأخيرة انتماؤه لأي فكر ضال" هذه الآونة المشار إليها هي أخطر مراحل الفكر والسلوك الإرهابي ، ويمكن أن نسميها مرحلة الكُمون حيث يتفانى الإرهابي في تعمية من حوله خاصة المراقبة الأمنية أنه أصبح صاحب توجه سليم وبعيد جداً عن الإرهاب والإرهابيين بينما هو في الحقيقة يجمع فكره وخططه واتصالاته في الإعداد لعمل إرهابي يقوم به في وقت تبلغ ثقة الناس والرقابة الأمنية فيه الذروة.

ويتأكد ما نقوله بما جرى من حوادث ارهابية سابقة فعلى سبيل المثال:

١-الإرهابي الرشيد الذي قتل خاله الضابط الصفيان كانت تغريداته قبل الحادث الإرهابي متسقة مع الرتم العام للشعب السعودي من تلاحم حول رموز الوطن وولاة أمره.

٢-الإرهابي الذي قتلى ابن عمه العسكري في حادثة الشملي لا يُعقل الا إنه استطاع أن يخلق حالة عالية من الثقة عند ابن عمه مكنته من الخروج معه ثم قتله بصورة بالغة البشاعة وعدم الرحمة.

إن مرحلة الكمون عند حركات الإرهاب والإرهابيين قديمة قدم الإرهاب المذموم نفسه ، ولا يمكن أن نغفل إنها كانت إحدى أهم مراحل حركة الحشاشين الباطنية لاغتيال خصوم دعوتهم الخبيثة.

وانتهج أيضاً هذا الأمر الخطير الجماعات الإرهابية المعاصرة وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين ، حيث إنهم كلما اشتدت عليهم القبضة الأمنية يلجأون للكمون عبر طرق كثيرة منها:

١-التظاهر بترك الجماعة والالتحاق بجماعة التبليغ التي يسميها المختصون (حقل الذرة) تشبيهاً لأن اللصوص الهاربين من الشرطة كانوا يلجأون لحقل الذرة للتخفي عن أعين  رجال الأمن.
٢-التظاهر بنقد جماعة الإخوان .
٣-تجريم العمليات الإرهابية إعلامياً مع بقاء الكتب والأشرطة والرموز التي تؤيدها مصدراً للتلقي !

ومرحلة الكمون هذه لا يمكن أن تكون أبدية بل يراعي فيها الإخوان ما يسمونه فقه المرحلة ، يقول الإرهابي الإخواني القرضاوي في قصيدة له يخاطب فيها رجال أمن مصر الذين تولوا سجن الإخوان مهدداً لهم:

إنا لعمرى إن صمتنا برهة
فالنار فى البركان ذات كمون   

وتكمن خطورة مرحلة الكمون في عدة أمور منها:
١-أن الإرهابي قد يورط معه من يحسن ثقته فيه وينخدع بمظاهره، أو من يسوقه الإرهابي لتنفيذ إرهابه فيه.

٢-أن هذا الأمر يضعف الثقة في جدوى مخرجات قنوات النصح والتوجيه .


وفي اعتقادي إنه يمكن التقليل من شر هذه المرحلة من خلال ما يلي:

١-إذا كان الشخص قد تورط في صور من صور الإرهاب أو الانحراف الفكري فيجب أن لا يحصل على ثقة المجتمع إلا بعد فترة طويلة جداً من السنوات. فلا ينبغي أن تخف الملاحظة الأمنية له مهما أظهر من الصلاح والتقوى.

٣-لايمكن بحال أن يكون الشخص التكفيري مداهناً لجميع الناس خاصة والديه وإخوانه بل إنه غالباً سيصدر منه آراء فكرية أو سلوكيات تعطي مؤشراً لانحرافه ، وقد ظهر هذا المؤشر عند إرهابي الشملي الذي لاحظ والده قضائه ساعات طويلة على الانترنت ، فمحاولة يسيرة من الأب للإطلاع على المواقع والميديا التي يتعاطا معه ابنه لاشك انها كانت ستكشف شيئاً ما للأب مهما حاول الابن التعمية على نشاطه.

وهناك سمات لا يستطيع كثير من الإرهابيين كتمانها حتى لو تظاهر بالوداعة والطيبة ، وهي:

١-الطعن في ولاة الأمر وسبهم .
٢-تخوين العلماء الثقات السلفيين ورميهم بالألقاب المنفرة كالمرجئة والجامية وغلاة الطاعة.
٣-كثرة الحديث عن الجهاد عاطفياً وليس فقهياً.

هذه السطور محاولة يسيرة لإلقاء الضوء على هذه المرحلة الخطيرة من مراحل السلوك والفكر  الإرهابي .

أسأل الله أن يكفي البلاد والعباد شر الإرهاب  وأهل الإرهاب.